أحداث الفنيدق: الأحد الأسود المتوسط
مغاربة يريدون ركوب أمواج البحر علانية للوصول إلى الضفة الأخرى؛ لأنّهم غير راضين عن تدبير شأنهم السياسي والاجتماعي وهو وضع يسائل الحكومة والأحزاب ؟؟
هلا بريس جمال بوالحق
تضاربت الآراء في شأن الدعوات الافتراضية الداعية إلى تنظيم هجرة جماعية غير نظامية وبشكل علني، إلى مدينة سبتة المحتلة يوم الأحد 15 شتنبر 2024م بهدف الوصول إلى أوروبا عبر مدينة الفنيدق المتاخمة للحدود الإسبانية مما جعل الآلاف من الأشخاص، يلتحقون فرادى وجماعات بالمدينة المغربية المتوسطية؛ استجابة للدعوات التي أشهرت الموضوع خلال الأيام القليلة الماضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، كان من تداعياتها تدخل السلطات الأمنية على الخط، التي عملت على استنفار عناصرها؛ بهدف التصدي لهذه الهجرة الجماعية العلنية غير المسبوقة، حيث قامت على تعزيز تواجدها وتفعيل حملاتها التمشيطية في مختلف مناطق المدينة ومراقبة وسائل النقل العمومية الوافدة على المدينة؛ لتوقيف الأشخاص المشكوك فيهم وإعادتهم بعد ذلك من حيث أتواْ.
إنّه على الرغم، من كلّ ما قيل حول هذا الموضوع وإرجاع الأسباب إلى الواقع الاجتماعي المزري الذي تعيشه فئات عريضة من المجتمع المغربي في الوقت الراهن والذي زاد من حدته، المساس بأمنه الغذائي؛ نتيجة ارتفاع الأسعار في مجمل المواد الغدائية الأساسية حتى وان كانت جهات أخرى تحمل المسؤولية فيما وقع، فيما أسمتهم بعصابات الاتجار في البشر التي استغلت فضاء الأنترنيت للتحريض على اقتحام الحدود والقيام بهجرة جماعية علنية بعدما كانت تقام بشكل سري في جنح الظلام.
أقول على الرغم من كلّ ذلك، يجب استخلاص الدروس وأخذ العبر والعمل بعد ذلك على تقويم مختلف الاعوجاجات الحاصلة في منظومة تدبير الشأن الاجتماعي لعموم المغاربة الذين، والحقيقة تقال، قد اكتوواْ بنار الغلاء والتهميش والبطالة، والاعتراف بأنّنا نعاني من فشل حقيقي في العديد من برامج التنمية التي جرّبناها في مملكتنا الحبيبة، والتي للأسف الشديد، قد فشلت في الوصول بنا إلى تحقيق التنمية المنشودة؛ لإيجاد الحلول الشافية لمشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضاً وبالتالي إنقاذ المغاربة من براثن الفقر والحرمان وقلة ذات اليد.
إنّنا نعاني في مرورنا نحو التنمية، بأزمة حقيقية تزداد حدّتها يوما بعد آخر، لدرجة أنّ الفئات المتضررة من أزمة الغلاء وتوالي موجات ارتفاع الأسعار، في كل المواد الاستهلاكية الأساسية للعيش، أصبحت غير راضية عن نفسها وعن تواجدها، وشعور عام بعدم الرضا قد استقر في نفسها، من جرّاء توالي الأزمات، وتريد الالتحاق بأوطان أخْرى، توفر لها العيش الرغيد حتّى ولو كلّفها الأمر حياتها عبر موجات الهجرة البحرية المروعة وهو وضع يعني ما يعنيه، من إفلاس واضح وبيّن للسياسة الحكومية الحالية ولمجمل شعاراتها المرفوعة، بخصوص الدولة الاجتماعية ومختلف المقاربات التنموية، هذا دون نسيان مسؤولية الأحزاب السياسية التي تتفنن في تحقيق مصالحها الشخصية، وتتقاعس عن القيام بواجبها الدستوري في تأطير المواطنين والعمل على توعيتهم وتفضل التواري عن الأنظار، في كلّ ما يتعلق بتحديات التنمية، وتبتعد بشكل مخيف عن المواطنين وعن مشاكلهم وتنشغل فقط بتحقيق مشاريعها ومصالحها والاستمتاع بالإغراءات التي توفرها لها السلطة ولا تفتكر هذا المواطن المغلوب على أمره إلاّ عندما يحين موعد الاستحقاقات الوطنية.