أهم ما جاء في مضمون الرسالة الملكية على هامش المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة
أكد جلالة الملك محمد السادس على أهمية ضمان تنزيل أمثل لورش الجهوية المتقدمة ودعا إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل، وذلك عبر 7 تحديات كبرى، وتطرق في رسالته للإشكاليات والمخاطر التي تعيق جهود التنمية بجهات المملكة، فيما يخصّ تدبير أزمة الإجهاد المائي، وتطوير منظومة النقل والتنقل، والانخراط في مسار التحول الرقمي.
تلا وزير الداخلية المغربي رسالة ملكية على مسامع المشاركين في المنـاظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة التي تنعقد يومي 20 و21 دجنبر الجاري بمدينة طنجة. وتطرقت الرسالة إلى الاهتمام الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس لورش الجهوية المتقدمة، الذي يراهن عليه المغرب؛ للمساهمة في توطيد الحكامة الترابية الجيّدة وتحقيق التنمية.
وأشارت الرسالة الملكية في كون هذه المناظرة، ترمي إلى استعراض حصيلة تنزيل ورش الجهوية المتقدمة وتكريس التفاعل الإيجابي بين كافة المتدخلين حول الأسئلة ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالتفعيل الأمثل لهذا الورش، وكذا البحث عن أنجع السبل لجعل الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، قادرة على مواجهة تحديات التنمية، ومعالجة أوجه النمو غير المتكافئ، والتفاوتات المجالية.
وأكدّت الرسالة على أنّ المرحلة الحالية تقتضي وقفة تقييمية للأشواط التي قطعتها بلادنا، على درب إرساء أسس الجهوية المتقدمة، وتعزيز اللاتمركز الإداري، ولاسيما فيما يتعلق بتفعيل التوصيات المنبثقة عن الدورة الأولى للمناظرة في هذا الشأن. ويقتضي البعد الاستراتيجي لمسار الجهوية المتقدمة المزيد من انخراط كافة الفاعلين في مسلسل للتشاور والحوار البناء، بما ينسجم مع منطق التدرج والتطور في التنزيل الكامل لهذا الورش، وخاصة فيما يتعلق بتدقيق وتحديد وتملك الاختصاصات وممارستها بشكل فعال، من أجل رفع التحديات التي أفرزتها الممارسة العملية.
وعبّرت الرسالة عن حرص جلالة الملك على ضمان تنزيل أمثل لورش الجهوية المتقدمة، لذلك يدعو إلى مواصلة الجهود لمواجهة مختلف التحديات الراهنة والمستقبلية، التي يطرحها هذا الورش المهيكل، وذلك عبر 7 تحديات كبرى، أولاها تحدي الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، من خلال العودة الى التسريع بتفعيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، من خلال الرسالة الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة، حيث شددنا على ضرورة “تعبئة كل الطاقات والانخراط الفعلي لكافة القطاعات الوزارية في تفعيل هذا الميثاق، عبر التسريع من وتيرة إعداد التصاميم المديرية للاتمركز الإداري، والتي يجب أن تكون مبنية على نقل فعلي للاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي”.
و ثانيها هو تحدي تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية لاسيما منها المجالس الجهوية، والذي يعد من الشروط الأساسية للتفعيل الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. إلا أن هذا الأمر أيضا، وبالرغم من المجهودات المبذولة في هذا المجال، لم يتحقق بعد على الوجه المطلوب. وثالثها، تحدي تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، تنفيذا لمقتضيات دستور المملكة، وهو ما يقتضي تفعيل إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في عملية صياغة وإعداد وتنفيذ ومراقبة، وتقييم السياسات العمومية المتخذة بمعية المجالس المنتخبة، لبلوغ الأهداف المتوخاة منها.
ورابعها، تحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن الترابي من خلال إقرار واعتماد آليات الحكامة والديمقراطية والمشروعية والفعالية، فقد أصبح من الضروري تعزيز مبادئ التخليق ومحاربة الفساد، من خلال تطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة، إعمالا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة. وخامسها هو تحدي الارتقاء بجاذبية المجالات الترابية لجذب الاستثمار المنتج، كرافعة أساسية لتقوية التنمية المستدامة وتحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص الشغل، وتحسين ظروف عيش المواطنين وسادسها، تحدّي قدرة الجهات على ابتكار آليات تمويلية جديدة من شأنها تخفيف الضغط المالي على الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهذا التحدي، وفق تعبير الرسالة الملكية، يسائل الفاعلين الترابيين عن مدى تفعيل النموذج الجديد للميزانية المحلية القائم على النجاعة والانفتاح على أنماط تمويلية جديدة، تتيحها اليوم البيئة التشريعية المؤطرة للمالية المحلية؟؟؟
وآخر هذه التحديات هو التصدي لبعض الأزمات والتكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد وتبني مقاربة أكثر مرونة وتفاعلية في التخطيط الجهوي والمبادرة إلى تعزيز القدرة على الاستباق والتكيف والتعلم المستمر.
وإلى جانب التحديات السبع، تحدثت الرسالة أيضا عن الإشكاليات والمخاطر التي تعيق جهود التنمية بجهات المملكة، فيما يخصّ تدبير أزمة الإجهاد المائي، وتطوير منظومة النقل والتنقل، والانخراط في مسار التحول الرقمي. وأوضحت الرسالة الملكية، في كون إشكالية الإجهاد المائي، تسائل كافة المعنيين، بما في ذلك الجهات والجماعات الترابية، المطالبين بالتعامل مع هذا المعطى، بكلّ ما يقتضيه ذلك من جدية وتظافر للجهود، فالأمر لا يقتصر على توفير التجهيزات المائية فحسب، رغم أهميتها، بل يتعداه إلى ضرورة إرساء حكامة مائية؛ لتعزيز المقاربة المندمجة للسياسة العمومية في مجال الماء، خصوصاً وأن مواجهة الإجهاد المائي، تعتبر مدخلا أساسيا للتنمية الترابية المستدامة؟؟؟
وجاء في ذات الرسالة، الحديث عن تطوير منظومة النقل والتنقل؛ لتحقيق التنمية الجهوية المندمجة، فمن المؤكد أن هذا القطاع سوف يعرف خلال السنوات القليلة المقبلة تطوراً بوتيرة متسارعة، نظراَ للدينامية المتنامية لمكانة بلادنا كقطب جهوي جاذب للاستثمارات، وللأوراش الكبرى التي تمّ إطلاقها في إطار استعدادات بلادنا لتنظيم كأس العالم 2030م وهو معطى يتطلب منظومة للنقل تتمتع بالشمولية والاستدامة؛ لتحقيق التنمية الترابية المندمجة وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية على المستوى الترابي.
وفي ذات الصدد تحدثت الرسالة، عن مسؤولية الجماعات الترابية في المساهمة، إلى جانب المجهودات التي تقوم بها الدولة، في تطوير هذا القطاع وأن تحرص على مسايرة الثورة التكنولوجية، التي يعرفها عالم اليوم؛ لأنّه لا يمكن تصور أيّ عملية تنموية ترابية بدون تنمية رقمية، خصوصاً وأننا نشهد إدماجا متزايدا للتكنولوجيا الرقمية في جميع مجالات تدبير الشأن الترابي.