تعليم

إصلاح التعليم يمر عبر تشجيع التلاميذ على القراءة وتفعيل دور المكتبات المدرسية والعمومية

الجودة في التعليم تمر أساسا عبر تشجيع القراءة وتوفير المكتبة المدرسية وتوفير الكتب والمراجع اللازمة والانفتاح على المكتبات الرقمية لإنماء مواهب التلاميذ وتجاوز حدود الكتاب المدرسي المقرر والحرص على توفير مكتبات عمومية لنشر الوعي الثقافي والمعرفي وتحقيق التنمية الثقافية المنشودة

 

هلا بريس جمال بوالحق

تبنّت وزارة التربية الوطنية للتربية والتعليم والرياضة ببلادنا خارطة طريق؛ لإرساء دعائم إصلاح منظومة التعليم في الفترة الممتدة ما بين 2022م 2026م عبر تحسين جودة التعلمات وتجويد أداء المدرس، في أفق تحقيق ما أسمته أهداف التنمية المستدامة وتأهيل الرأسمال البشري.

كانت الجودة في التعليم هي الشغل الشاغل للوزارة، وانصب عملها على توفير البنيات التحتية الضرورية و محاولة إيجاد الحل للخصاص في الأطر الإدارية والسعي لمحاربة الهدر المدرسي و تحقيق مشاريع مدارس الريادة التي تمّت أجرأتها في العديد من المدن المغربية لكن لابد للإشارة، إلى أنّ وضعا كهذا يتطلب تظافر جهود الجميع؛ لتحقيق الإصلاح المنشود خصوصا والحقيقة تقال، أنّ مسألة الإصلاح  تبقى غير سهلة؛ لأنّه تتداخل فيها العديد من المجالات والعوامل والعوائق أيضا، في ظل تعدّد صانعي القرار في القطاع فضلا عن محدودية الميزانيات المرصودة، وهو وضع يتطلب التعاون والتكامل بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني؛ لأن الحكومة، أية حكومة، مهما أوتيت من قدرة مالية، لا تستطيع لوحدها تمويل التعليم وإدارته؛ لتفي بالطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم، خاصة في ظل الانفجارات السكانية، وفي ظل ارتفاع كلفة التعليم خاصة في الجوانب المرتبطة بتجويد نوعيته، كما أنّ الاتجاهات الحديثة تدعو للتوسّع، وفق ما أكد عليه تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المعروفة اختصارا (باليونسكو) حول تربية القرن الحادي والعشرين والتي تُنصص على مبدأ الشّراكة المجتمعية، وتوسيع المشاركة الشعبية المجتمعية في إدارة الأنظمة التربوية، سواءٌ في التخطيط للتعليم أو إدارته أو تحويله، في إشراك المجتمع المدني والمحلي وأسر التلاميذ ورجالات المجتمع في الحوار والنقاش حول السياسات التعليمية، وتخطيطها وتقويمها، على اعتبار أنّ التعليم يعتبر همّا وطنياً.

وفي ظل سعي الوزارة؛ لتفعيل مشاريع الجودة نجد عدم إيلاء الأهمية اللازمة للمكتبة المدرسية؛ لفسح المجال أمام المتعلمين والمعلمين أيضا؛ لتهيئ فرص التعلم الذاتي الذي يكون خادما لمنهجية التعليم ويحتاج معه الأمر أولا على تشجيع القراءة والاطلاع في صفوف التلاميذ وتوفير المكتبات داخل المدارس المختلفة وتكون مكتبات متوفرة على المراجع الضرورية، واعتبار المكتبات والكتب هي مشتل لانماء المواهب في مجال الكتابة على وجه الخصوص وتحسينها في مكون الإنشاء وغيره من المكونات المرتبطة بالمواد الدراسية فضلا عن تعليمهم كيفية إنجاز البحوث وغيرها من أنواع الكتابات الإبداعية وتجاوز حدود الكتاب المدرسي المقرر، إلى فضاءات واسعة لمختلف المصادر المختلفة وهو وضع حتما سوف ينمي من قدراتهم القرائية ويُوسع من أفقهم الثقافي والمعرفي خدمة للفهم الجيد للمقرر الدراسي.

فالمكتبة المدرسية قادرة على المساهمة الفاعلة في تحقيق الإصلاح المنشود في مجال التربية والتكوين، بما في ذلك الانفتاح على مكتبات الوسائط المختلفة علاوة عن المكتبات السمعية والبصرية واستغلال هذا التطور التكنولوجي؛ لتنمية مهارات المتعلمين والحرص على تشجيع التلاميذ على ارتياد المكتبات واقتناء الكتب والاطلاع على المواقع المختلفة الخاصة بالكتب بدل الاطلاع على مشاهد العهر وشرائط التفاهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولن يستقيم أمر الإصلاح في الحقل التعليمي بمقاربة تهيئة المجتمع المدرسي للانفتاح الجيد على المكتبة المدرسية والنهل من معين الكتب والمراجع، من غير اشراك باقي الفاعلين من مجتمع مدني ومرافق عمومية من سلطات معينة ومنتخبة وباقي الشركاء والحرص على توفير مكتبات عامة وفضاءات رقمية بهدف نشر الثقافة والوعي الفكري ومحاربة الأمية وعقد المحاضرات؛ لتنويع مصادر الزاد المعرفي والحرص على إعداد معارض للكتب وتشجيع القراءة في المجتمع ومناقشة المواضيع الهامة خصوصا المخدرات التي تتعاطاها فئات عريضة من المجتمع، بما في ذلك الفئات المتعلمة من تلاميذ وغيرهم.

وقد سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب أنْ دق ناقوس الخطر في هذا الموضوع، ودعا إلى التعامل مع الإدمان على مختلف أنواع التخدير، كمرض يتطلب العلاج وتبقى مسؤولية المجتمع المدني والمدرسي والجامعي واضحة في هذا الإطار؛ لنشر الوعي والتحسيس بخطورة المخدرات خصوصا (البوفا) على صحة المتعاطين وبالتالي التصدي الواعي لمختلف المشكلات والظواهر الشاذة، في أفق تحقيق التنمية الثقافية في صفوف المتعلمين وعموم المجتمع.

وفي الختام لا أجد أحسن من مقولة المفكر الفرنسي (فيليب سولرس) صاحب عدة روايات من بينها الحقيقة ورغبة وغيرها.. لأنهي بها مقالي هذا  «لا يمكن أن نكتب إلاّ إذا كنّا نعرف أنْ نقرأ، لكن لمعرفة القراءة يجب أن نعرف كيف نعيش، القراءة هي فن الحياة الرائع»

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى