رأي

اتفاقية الخبز : الدرس الواضح

جمال بولحق

اعتبرت روسيا قرارها بعدم تمديد اتفاق الحبوب بأنّه قرار نهائي لا رجعة فيه ولن تسمح بمرور المواد الغذائية عبر البحر الأسود، إلى مناطق العالم المختلفة، إلى حين توقيف العقوبات الاقتصادية التي تمنع الشركات المختلفة من التعامل معها .

وقد لجأت روسيا إلى  توظيف الخبز كسلاح في مواجهتها للعالم  الذي تعتمد أزيد من 400 مليون شخص من ساكنته، على الحبوب الأوكرانية، بحسب برنامج الغداء العالمي. ومن شأن تجميد اتفاقية الحبوب وحصار روسيا للموانئ الأوكرانية المصدرة  للحبوب، أنْ يزيد في معاناة العديد من اقتصاديات دٌول العالم من بينها إفريقيا والشرق الأوسط .

فبحسب ماقالته مديرة البرنامج العالمي للأمن الغذائي والمائي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنْ يؤدي تعليق هذه الاتفاقية إلى أزمة غذاء عالمية حادّة؛ بسبب الاضطرابات الحاصلة في الإمدادات، وزيادة أسعار المواد الزراعية ، وأضافت..  على أنّ دول الشرق الأوسط، ستتأثر بشكل مباشر بهذا القرار؛ بسبب اعتمادها الكبير على الواردات الغذائية وتحديدا الحبوب وعلى رأسها القمح القادم من روسيا و أوكرانيا. وأشارت المديرة على أنّ المؤشرات الاقتصادية الحالية، تظهر أزمة في حالة البلدان الفقيرة والهشة سياسيا ذات القطاعات الغذائية الضعيفة ومنها لبنان والسودان واليمن حيث سيؤدي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ومحدودية الزراعة المحلية والافتقار إلى احتياطات موثوقة من الحبوب الى تفاقم ازمة الغداء الحالية في بعض البلدان .

وتأتي مصر في مقدمة دول الشرق الاوسط المعتمدة على استيراد الحبوب من روسيا واوكرانيا بما يساوي 23 مليار دولار ما بين 2016م و 2020م والسعودية بمبلغ 17 مليار دولار عن نفس الفترة. وتركيا ب12 مليار دولار والمغرب ب8,5 مليار دولار والامارات ب6,1 مليار دولار والجزائر بمبلغ 5.5 مليار دولار في الفترة ما بين 2016و2017م علاوة عن دول أخرى مثل الأردن وليبيا وفلسطين والكويت وقطر وعمان وغيرها .

وأشار تقرير منظمة الاغدية والزراعة الصادر في يونيو 2022م على أنّ قلة الحبوب والأسمدة؛ بسبب الحرب، أثر على مناطق بعينها مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية، من خلال تضخم أسعار السلع الأساسية والتقلبات المالية، وأضاف ذات التقرير إلى اعتماد ما لا يقل عن 50 دولة على روسيا للحصول على 30 %  أو أكثر من امدادات القمح .

وجاء في تقرير (هيومن ووتش)  الصادر في مارس 2022م  أنّه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، زاد عدد الأشخاص اللذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير بعد (كوفيد) 19 حيث لم يحصل واحد من كل ثلاثة اشخاص في 2020م على الغداء الكافي بزيادة قدرها 10 ملايين شخص مقارنة بعام 2019م . وقدر حذرت (الفاو) في 2022م  بالإضافة إلى تأثيرات (كوفيد) من مخاطر انعدام الأمن الغذائي لدول منظمة الشرق الأوسط؛ بسبب تفاقم الأوضاع وارتفاع سعر القمح والشعير بنسبة 31% وزيت بذور اللفت وعباد الشمس بأكثر من 60%.

. إنّهُ بغض النظر عن تراجع روسيا من عدمه، في شأن تعليق هذه الاتفاقية فما حصل لا بد أن تأخذ منه الدول العربية والافريقية العبرة؛ لأنه درس واضح حتى لا يبقى مصيرها معلقا بيد الآخرين خصوصا وأنّه لا تنقصها الامكانيات لاستصلاح أراضيها الشاسعة وتحويلها إلى أراضٍ فلاحية وزراعية لتحقيق الأمن الغذائي لكافة شعوبها التي تخاطر بحياتها  عبر قوارب الموت، في سبيل الحصول عليه، إلى جانب مقومات أخرى، ولكن تنقصها الإرادة والعزم والعمل على التكتل الحقيقي للتخلص من وصاية الآخرين عليها، بدل تضْييع الوقت على جبهات خاطئة، لا فائدة تُرجَى منها.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى