الذكرى 445 لمعركة وادي المخازن : النصر الكبير الذي صنع هيبة المغرب لمدّة 3 قرون
جمال بولحق
احتفى إقليم العرائش في اليوم الرابع من شهر غشت الجاري بالذكرى 445 لمعركة وادي المخازن حيث احتضت جماعة السواكن فعاليات هذا الاحتفاء؛ باعتبارها الأرض والجغرافيا التي وقعت فوق ترابها فصول المعركة، التي تضمّ حاليا ضريح عبد المالك السعدي ونصب الملك البرتغالي واحتفت مدينة تارودانت أيضا بهذه الذكرى التي تعتبر معركة بارزة ومهمة في تاريخ الكفاح الوطني والحرية والاستقلال والوحدة الوطنية.
وعلى هامش هذه الذكرى، أبرز (مصطفى لكثيري)، المندوب السامي للمندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، أهمية هذه المعركة معتبرا إيّاها من أمهات المعارك التي خاضها المغاربة؛ لصدّ محاولة الاحتلال وضد الأطماع الأجنبية، دفاعا عن الوطن ومقدساته، وهي أيضا من الملامح البطولية التي شهدتها مناطق كثيرة من المغرب في مراحل تاريخية مختلفة.
وأضاف (لكثيري)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنّ انتصار المغاربة آنذاك، يحمل أكثر من دلالة، من ضمنها أساسا شجاعة المغاربة ووحدة صفهم لحماية الوحدة الترابية وقدرتهم على مواجهة كلّ الصعاب والتحديات، مشددا على أن تخليد هذه الذكرى في مكان حدوثها هو وفاء للمجاهدين والمكافحين من أجل حماية التراب الوطني، ودليل قاطع على أن المغاربة مستعدون دائما للتضحية بالغالي والنفيس للذود عن الوطن والدفاع عن مصالحه.
و بالرجوع إلى ما جرى وباختصار شديد ودون خوض في التفاصيل، ففي غشت من سنة 1578م، في معركة تاريخية غيّرت الكثير من مجريات التاريخ ومن موازين القوى في العالم، ويتعلق الأمر بمعركة وادي المخازن المعروفة بمعركة (الملوك الثلاثة).
وتعود أسباب المعركة (إبّان عهد الدولة السعدية) التي دام حكمها بالمغرب زهاء قرن ونصف القرن من الزمن من (1510م الى 1658م) إلى قيام المتوكل بطلب المساعدة من البرتغاليين؛ لاستعادة سلطته على المغرب، بعدما فقدها على إثر وفاة أبيه واستفراد عمّه المتوكل بالحكم بدعم من عمه الآخر أحمد المنصور، فانتهز البرتغاليون هذه الفرصة على أمل وضع حد لطموحات السعديين والعثمانيين ، والسيطرة على سواحل شمال المغرب؛ لمنع أي محاولة جديدة للمسلمين للعودة إلى الأندلس.
وكان العالم في تلك الفترة، يترقب مصير هذه المعركة بشدة؛ لأنّها كانت تتجه لتغيير الكثير من موازين القوى، خاصّة أن المعركة كانت تعرف مشاركة فرق عسكرية من مختلف مناطق العالم، حيث كان السعديون المغاربة مساندين بفرق من الجيش العثماني أمّا البرتغاليين فكانوا مدعمين بجيوش من إسبانيا وأوروبا بأمر من الفاتيكان، إضافة إلى جيش المتوكل وجيش (البابا).
وآلت نتيجة المعركة إلى القضاء على أسطورة دولة البرتغال القوية؛ نتيجة الانتصار الساحق للجيش المغربي بعدما نجح السعديون في استدراج البرتغاليين إلى وادي المخازن ومحاصرتهم في هذه المنطقة، وتكبيدهم لخسائر كبيرة في الأرواح، وقد قُتل في المعركة ملك البرتغال سيباستيان وجميع قادة جيوشه وجل رجال الامبراطورية البرتغالية.
وكان القتل أيضا نصيب المتوكل في هذه المعركة الذي لُقب فيما بعد (بالمسلوخ) حيث تمّ سلخ جلده وعرضه أمام الناس؛ ليكون عبرةً لكلّ من يستنجد بالنصارى، وتوفي خلال المعركة أيضا السلطان عبد المالك؛ بسبب مرض أنهى حياته، ليبايع المغاربة بعد ذلك أخاه أحمد المنصور.
وقد منحت المعركة صورة رهيبة عن المغاربة، كان من نتائج ذلك أن تمّ وضع حدّ فاصل للمد الصليبي وإرغامه على التراجع وظل المغرب محصنا بعد ذلك من كل محاولات الاختراق من طرف القوى الأخرى لعدّة قرون.