رأي

اليوم العالمي للإتجار في البشر

خيرات إفريقيا و قوارب الهجرة

جمال بولحق

يحتفي العالم باليوم العالمي للإتجار بالبشر الذي يتزامن مع تاريخ 30 يوليوز من كلّ سنة، وهي مناسبة جديرة بالاهتمام، وتستلزم منّا الوقوف عندها كثيراً؛ بالنظر لخطورتها على المجتمع؛ لأنّها – حسب الكثيرين- تعدّ شكلا من أشكال العبودية الحديثة وتستهدف استغلال الضحايا لغايات مختلفة ويستخدم الجناة عدّة وسائل متسمة ما بين القوة والخداع والنصب والاحتيال للإيقاع بضحاياهم اللذين يعانون من الاقصاء الاجتماعي ويتركون قراهم ومدنهم بدافع الحصول على المال وتحسين وضعهم الاجتماعي خارج بلدانهم الأصلية، وهي مشكلة تعاني منها العديد من الدول وتدر على منشطيها أموالا طائلة وتعد هذه التجارة مربحة للغاية وتأتي في المرتبة الثالثة، من حيث المردود المادي، بعد الاتجار بالسلاح والاتجار بالمخدرات.

وتساهم الحروب والصراعات والجفاف وغياب التنمية بإفريقيا ، في رواج ظاهرة الاتجار بالبشر، في ظل رغبة قاطني هذه المناطق النزوح نحو مناطق آمنة توفر لهم سبل العيش الكريم وتحصيل القوت اليومي والولوج إلى مختلف الخدمات الاجتماعية الضرورية التي يفتقدونها في بلدانهم .

وتعد الهجرة السرية شكلاً من أشكال الاتجار بالبشر وتستحق بدل قصارى الجهود للحد منها، بعد أن أزهقت أرواح الكثيرين من البشر، من إفريقيا وشمالها، وبعض الدول العربية اللذين باعوا الغالي والنفيس؛ من أجل توفير المال لعصابات منظمة مكلفة بالتهجير سواء عبر البر؛ أو البحر والعديد منهم، لقوا حتفهم قبل أن يصلوا إلى وجهتهم المقصودة، من غير التوصل في أغلب الأحيان، إلى العناصر الناشطة في التهجير.

فلو تمّ الاهتمام بإفريقيا وبشعوبها وتسخير خيرات إفريقيا لخدمة أناس إفريقيا، لتغيرت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لهذه الشعوب خصوصا وأنّ هذه البلدان تتوفر على المعادن المختلفة، لكنها للأسف، يتمّ استغلالها من طرف دول أخرى تتنافس عليها بتواطؤ مع حكام هذه البلدان اللذين لا تهمهم سوى تحقيق مصالحهم الشخصية، يصلون إلى مقاعد الحكم عن طريق القوة واستعمال العنف؛ من أجل الاستحواذ على مدخرات هذه البلاد من مختلف المعادن خصوصا الاستراتيجية منها التي يحتدم حولها الصراع بسبب ضرورتها في الصناعات في الصناعات التكنولوجية المتقدمة وقد سبق للبنك الدولي بالتعاون مع الاتحاد الافريقي أن توصل إلى خريطة للموارد المعدنية الإفريقية أطلق عليها خريطة المليار دولار تحتوي على معادن مختلفة لا يستفيد منها الإفريقيون في شيء ويضطرون تحت وطأة الجوع والعطش ترك بلدانهم الغنية بالمعادن للالتحاق ببلدان أوروبية هي من أفقرتهم، واستولت على خيرات بلدانهم منذ عدة عقود وعقود هي ازدادت غنى وهُم ازدادوا فقرا ومرضا وعطشا أمام مرأى من أعين العالم المتواطئ.

فأوروبا وغيرها ممّن اغتنوا من إفريقيا واستغلوا خيراتها لصالحهم أمامها طريق واحد لحل مشكل الهجرة وهي أنْ يتركوا الافريقيين وشأنهم؛ لحل مشاكلهم بأنفسهم ويستفيدوا من خيراتهم التي ستنقذهم حتما من براثن الفقر والحرمان حينها سيتوقفون عن الهجرة والمخاطرة بأنفسهم عبر قوارب الموت والتهجير التي تديرها عصابات منظمة ناشطة في مجال الاتجار بالبشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى