ذكرى استرجاع وادي الذهب هي ذكرى لتحصين الوحدة الترابية و التنموية للمملكة المغربية
جمال بولحق
تحلّ ذكرى استرجاع إقليمي (أوسرد ووادي الذهب) إلى حظيرة الوطن بتاريخ 14 غشت 1979م بعد أن أعلنت قبائل هذه المنطقة عن بيعتها للملك الراحل الحسن الثاني وتشبتها الراسخ بمغربية الصحراء وبوحدة البلاد الممتدة من طنجة حتى الكويرة .
وتأتي هذه المحطة التاريخية بعد أيام قلائل من خطاب العرش لسنة 2023م الذي أبرز فيه العاهل المغربي محمد السادس، التلاحم التلقائي الحاصل بين العرش والشعب، ممّا مكن المغرب من إقامة دولة وأمّة مغربية تضرب أعماقها في جذور التاريخ، وتمكنها من تحقيق درجة كبيرة من النضج والتقدم في المسار التنموي مشيرا في ثنايا خطابه، على أنّ الجدية هي سرُّ نجاح المغرب في العديد من المجالات الرياضية والصناعية وغيرها.
وركز العاهل المغربي في ذات الخطاب على أهمية الجدية التي أوجب عليها، في أنْ تكون مذهبا يٌتبع ويشمل جميع المجالات؛ لخدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص. ودعا إلى التشبث بالجدية بمعناها المغربي الأصيل من حيث التمسك بالقيم الدينية وشعار (الله، الوطن، الملك) والتشبث بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد.
و طالب جلالته بالجودة في تنزيل مشاريع الاقتصاد الأخضر الذي أصبح توجها عالميا للحفاظ على البيئة، وخلق فرص للشغل والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال الواعد، والتسريع من مسار قطاع الطاقات المتجدّدة ضمن مشروع الاستثمار الأخضر.
وبالرجوع إلى هذه الذكرى الوطنية، فإقليم وادي الذهب يتواجد بجهة الداخلة وادي الذهب ويتميز بثروة سمكية وحيوانية ومؤهلات سياحية هائلة وهي محاطة بجهة عيون الساقية الحمراء وموريطانيا والمحيط الأطلسي ومساحتها تناهز 50 ألف كلم مربع وساكنتها تناهز 60 ألف نسمة ومدنها هي الكويرة وبئرأنزران وأوسرد والعركوب وتيشلا وإمليلي وأم دريكة وكليبات الفولة وأغوينيت وميجيك.
وقد حظيت هذه الجهة، إلى جانب كل من جهة كلميم وادنون التي تحتوي على مدن طانطان وأسا الزاك وسيدي إفني وجهة العيون والساقية الحمراء التي تضمّ مدن العيون وبوجدور وطرفاية والسمارة، بالكثير من العناية والاهتمام، وهو اهتمام غيّر الشيء الكثير من معالم الحياة السابقة بعد تحقيق العديد من المشاريع المهيكلة التي عرفتها مجالات الاقتصاد والعمران والتعليم والاستشفاء والطرقات والفلاحة والسياحة والصيد البحري و المرافق المختلفة جعلها قبلة لاستقطابات استثمارية وطنية وأجنبية ومكانا آمنا للعيش الكريم، سواء للسكان المحليين أو لإخوانهم في باقي المغرب الذين حطّوا رحالهم بها واستقروا فيها، بعد أن جذبتهم مقومات الحياة الحالية لمدن وأقاليم الصحراء المغربية .
ومن شأن الاستمرار في تحقيق المشاريع التنموية الواحدة تلو الأخرى المدرجة في إطار النموذج التنموي الجديد، أن يزيد من تقوية علاقاتها مع دول الجوار، في إطار ترسيخ العمق الإفريقي للمغرب خاصة بعد توالي الاعترافات بالقضية الوطنية، وتشييد العديد من القنصليات الدولية في المنطقة.
وتقتضي منّا هذه الذكرى التفكير أيضا في كافة المغاربة على امتداد ربوع البلاد، والعمل على أن ينالوا حقهم من التنمية والاهتمام في ظل تواجد فئات عريضة، تعاني من ويلات الفقر وعدم القدرة على مجابهة نار الغلاء في المواد الغذائية التي لا يستقر على حال، وضمان ولوجهم السلس إلى مختلف الخدمات الصحية والقضائية والتعليمية والتنموية وغيرها. تماشيا مع مفهوم الجدية الذي جاء في الخطاب الملكي الأخير الذي دعا إلى صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية للمغاربة، ومواصلة المسار التنموي وتحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية في البلاد.