ذكرى تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب
بدأ المغرب في العهد الحالي، بفتح العديد من الأوراش لتأهيل مختلف البنيات التحتية، من طرق وملاعب رياضية وفندقية وغيرها وبموازاة مع ذلك تمّ فتح ملفات الفساد المتعلقة بالاتجار في المخدرات والتزوير واختلاس المال العام وغيرها من الملفات والمتورطة في مستنقعاتها، العديد من الرؤوس، التي يبدو أنّها أيْنعت وحان موعد قطافها، وهٌم من كانوا للأسف الشديد، يدبرون شأننا المحلي والسياسي والرياضي ويدخلون إلى قبة الرباط.
هلا بريس
تعتبر الذكرى السنوية لتخليد محطة تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب، من لدن المستعمرين الفرنسي والإسباني، في مناسبتها الثمانين ( 11يناير 1944م) كمحطة رئيسية وبمثابة الحرف الأول، في أبجدية الوعي بالذات والانفكاك من تحكم الأجنبي والكفاح من أجل طرده؛ لتحقيق السيادة على كامل التراب الوطني .
ومازال التاريخ يذكر حجم التضحيات المبذولة في هذا الجانب، بعد تقسيم البلاد وإخضاع طنجة لنظام حُكم دولي هذا فضلا عن الوضع القائم بأقاليم الصحراء المغربية علاوة عن منطقة نفوذ الفرنسيين في الوسط وتطلب الوضع من رجالات المغرب، بدل قصارى الجهود والتضحيات بالغالي والنفيس وتجاوز مختلف العراقيل التي كان يضعها المستعمرون للحيلولة دون نيل المغرب لاستقلاله، مثل الظهير البربري الاستعماري 1930م والوقوف ضد تحقيق المغرب لمطالبه الإصلاحية، في مناسبتي 34 و38 من القرن الفائت.
وشكل المغفور له الملك محمد الخامس، الرمز وحلقة الوصل التي تجمّعت حولها كلّ القوى الحية، المطالبة بالحرية والاستقلال والتي وقفت ضد كلّ المحاولات الهادفة؛ لطمس الهوية الوطنية، فاغتنم محمد الخامس فرصة انعقاد مؤتمر أنفا في أربعينيات القرن الماضي 1943م للمطالبة باستقلال المغرب وإنهاء نظام الحماية مستنيداً في سبيل تحقيق ذلك، على مساندته لفرنسا في تحرير أوروبا، من حربها ضد النازية. وعلى الرغم من عدم استجابتها لمطلبها في الاستقلال، واصل القادة الوطنيون والمقاومون وجيش التحرير، التأكيد على مطلبهم، في فك ارتباطهم وفسخ عقد الحماية (معاهدة فاس) بعد تكتلهم مع القصر الملكي، التي أدّت في آخر المطاف إلى ميلاد وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي أجّجت غضب المستعمرين وأدت إلى مواجهات عنيفة بين الطرفين، نتج عنها سقوط العديد من القتلى في صفوق المدنيين، بعد توالي المواجهات، في أحداث متنوعة، من بينها أحداث 1947م بعد أن قتلت الكتائب السنغالية الممثلة للفرنسيين، العشرات من المغاربة بالدارالبيضاء في كلّ من درب الكبير وطريق مديونة وكراج علاّل وبنمسيك وأحداث 1952م بالدارالبيضاء أيضا بعد مقتل فرحات حشاد وأحداث 1953م بعد عزل السلطان في يوم عيد الأضحى وتفجير السوق المركزي من طرف الشهيد محمد الزرقطوني احتجاجاً على ذلك.
وجاء الاستقلال بعد ذلك، واسترجع المغرب كافة أراضيه الصحراوية وغير الصحراوية، في إطار استكمال الوحدة الترابية ووقوف المغرب في وجه خصومه المتربصين به والذين لا يتوانون لحظة، في خلق الذرائع للتحرش بوحدته الترابية (أحداث السعيدية والسمارة على سبيل المثال). ولم يُثنِ ذلك المغرب، في العهد الحالي على وجه الخصوص من تحقيق التنمية المنشودة ومواصلة ذلك في مختلف الميادين بمختلف جهات أقاليمنا الصحراوية المغربية والعمل على تحويل الواجهة الأطلسية بالصحراء المغربية، إلى فضاء للتكامل الاقتصادي والتواصل الافريقي والعالمي، كما أكدّ على ذلك العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب 6 نونبر الأخير، الخاص بالذكرى 48 للمسيرة الخضراء.
وأمام المغرب حالياً أوقات صعبة؛ لربح العديد من التحديات، بعد أن ربح تحدي تنظيم كأس العالم2030م إلى جانب الدولتين الأوروبيتين الجارتين، وقد بدأ بالفعل مساره، بفتح العديد من الأوراش لتأهيل مختلف البنيات التحتية، من طرق وملاعب رياضية وفندقية وغيرها وبموازاة مع ذلك تمّ فتح ملفات الفساد والريع المنتشرة في دواليب الدولة فيما يتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات والتزوير واختلاس المال العام وغيرها من الملفات والمتورطة في مستنقعاتها، العديد من الرؤوس، التي يبدو أنّها أيْنعت وحان موعد قطافها، في انتظار آخرين والذين للأسف، هٌم من كانوا يدبرون الشأن المحلي والسياسي والرياضي ويدخلون إلى قبة الرباط، بالاعتماد على أموالهم التي جنوها من أنشطة محظورة والأمر يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، بعد إضاعة الوقت والمال على بعض الجبهات الخاطئة؛ لمحاربة مختلف الاختلالات التي تحُول دون نيل المغرب للمكانة التي يستحقها، من بينها توفير فرص الشغل بالقدر الكافي ومحاربة السكن غير اللائق والقضاء على ظاهرة التسول المنتشرة بشكل كبير في المغرب والتي للأسف الشديد، مسيئة لنا كدولة مقبلة على تنظيم محفل رياضي عالمي وقبله إفريقي فضلا عن إيجاد حلّ عاجل للمختلين عقليا والمشردين في الشوارع العامة والفضاءات المختلفة والذين يٌشكلون خطراً على الأمن العام ويبقى مكانهم الطبيعي هو المستشفيات الخاصة والحرص على معالجتهم والاهتمام بهم، بدل رميهم في الشارع، يعرضون حياة الغير للخطر، في كل وقت وحين وهذه الظاهرة بدورها مسيئة لصورة المغرب.
إن المغرب في طريقه لرفع التحدي العالمي ولديه من الإمكانيات المختلفة؛ ليكون جاهزاً في الموعد المنتظر 2030م لكن في طريقه لتحقيق ذلك، عليه محاربة مختلف الاختلالات والعديد من الظواهر الشاذة والنهوض بمنظومة الصحة والتعليم والقضاء وغيرها، ليكون جاهزا 100% لاحتضان هذا العرس العالمي.