ذكرى 20 غشت وعيد الشباب هي ذكرى للاهتمام بقضية الشباب
جمال بولحق
مرّ المغرب بالعديد من المحطات التاريخية في فترة الاستعمار الغاشم تمّ التعبير فيها عن الترابط المتين ما بين الشعب المغربي و العرش العلوي وتصدّى فيها المغاربة لكلّ الهجمات الاستعمارية الغادرة التي سعت بكلّ الوسائل إلى زعزعة استقرار المغرب والتفريق ما بين الشعب وملكه، لكن هذه المؤامرات كانت، لا تزيد الشعب إلاّ قوّة على مواجهة مخطّطات الاقامة العامة للحماية الفرنسية، انتهت في آخر المطاف، بنيل المغرب لاستقلاله واستكماله لوحدته الترابية بعد استرجاعه لمدن أخرى في الصحراء المغربية.
كان التحام الشعب بالملك، يشكل قلقا كبيرا بالنسبة للمستعمر، فلجأ إلى إبعاد المغفور له محمد الخامس يوم 20 غشت 1953م بهدف تفكيك هذا الترابط المتين الذي فشلوا في وأده خلال محطات تاريخية سابقة، من أبرزها الظهير البربري 1930م لكن ذلك لم يزد المغاربة إلاّ تعلقا بملكه
وهذه المناسبة تعتبر فرصة أخرى للاحتفال والاحتفاء بيوم الاستقلال، وبمن صنعوا أمجاده ورفعوا العلم الوطني، ودافعوا عن حوزة الوطن وسقطوا في ساحات المعارك بالعشرات والمآت من الشباب المغاربة المنضوون في الحركة الوطنية، الذين شكلوا صمّام أمان للوطن، كافحوا، وقاوموا بالسلاح؛ من أجْل الحرية والكرامة والاستقلال.
وفرصة أيضا للتذكير بمن أساؤوا لهذا الوطن، وباعوه، وكانوا عيونا للفرنسيين على الوطنيين، وأوشوا برموزه من أمثال الشهيد محمد الزرقطوني والشهيد عبد اللطيف بن قدور والشهيد حسن الصغير وغيرهم كثير، وكانوا سبباً مباشراً في إعدام العديد من الشباب الوطنيين، في الساحات التي أعدّتها القوى الاستعمارية؛ لتنفيذ أحكامها في حق شباب اختاروا الخروج للميدان والدفاع عن الوطن والحرية والكرامة.
وتأتي ذكرى 20 غشت متزامنة مع ذكرى (عيد الشباب) عيد ميلاد العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس، عيد الاحتفاء بإمكانيات الشباب، وهي مناسبة يجب أن تكون حافزا جديداً للحكومة المغربية ومن يٌسير دواليبها، في أنْ يعطوا للشباب المكانة التي يستحقونها، ووضع قضاياهم ومعاناتهم، في أولى الأولويات؛ لأنّ تجاهلهم وعدم معالجة أوضاعهم بما يلزم من الجدية والحزم، لن يزيد إلاّ في تأزيم الوضع، وهو وضع متأزم أصلا؛ بسبب الغلاء في الأسعار ومجمل المواد الغذائية وقلة العمل وانسداد الأفق. فأغلبية الشباب غير راضية على طريقة التعامل معهم ومع قضاياهم ويبحثون بكل الوسائل عن مجتمعات جديدة تفتح لهم الآفاق والأفق؛ لتحقيق طموحاتهم وتلبية رغباتهم بعيداً عن سياسة الترقيع.
والمغرب لا تعوزه الإمكانيات، ويتوفر على الثروة اللازمة؛ لتعزيز مشاركة الشباب في الدفع بعجلة التنمية نحو الأمام حتى لا يقدم على الانتحار بركوبه قوارب الهجرة السرية أو انجرافه وراء الجريمة وتعاطي المخدرات أو استغلاله من طرف قوى التطرف والعنف.