رسالة ملكية موجهة إلى الحجاج المغاربة
الرسالة تأتي في سياق رعاية المقدسات الدينية وحرص جلالة الملك، أمير المؤمنين محمد السادس، على أن يمثل الحجاج بلدهم المملكة المغربية في موسم الحج العظيم أحسن تمثيل والتقيد بالتدابير التنظيمية التي اتخذتها السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية التي وفرت لضيوف الرحمن كل أسباب الاطمئنان ويتعين عليهم تمثيل قيم الإسلام المثلى في الاستقامة وحسن المعاملة والتضامن وإخلاص التوجه لله رب العالمين في هذا الموسم العظيم
هلا بريس
وجّه جلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج الجاري، بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة وعبّر من خلالها عن سعادته، بوصفه أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ببلدنا الأمين، إلى الفوج الأول من الحجاج القاصدين مكة المكرمة لأداء فريضة الحج لهذه السنة الجارية، آملا جلالته، في أن يتقبل مناسكهم ويحقق رجاءهم ويستجيب لدعواتهم ويتم نعمته عليهم، و يعودواْ بعد ذلك إلى وطنهم سالمين غانمين.
وأبْرز أمير المؤمنين، في كون هذه الرسالة، تأتي من منطلق حرص جلالة الملك الدائم، على رعاية المقدسات الدينية وإظهار حرصه الفائق على أن يمثل الحجاج بلدهم، المملكة المغربية، في موسم الحج العظيم، أحسن تمثيل، متحلين بقيم الإسلام المثلى، من أخوة صادقة وتسامح شامل وتضامن فعال وتذكيرهم – والذكرى تنفع المؤمنين – بما يجب أن يتحلوا به من امتثال لقوله تعالى: ((الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)).
وأكد جلالة الملك على أهمية أنْ يحرص الحجاج، خلال أيّام الحج على أداء مناسكه بأركانه وواجباته وسننه ومستحبّاته، وعلى ألاّ يمر وقت من أوقاتهم الثمينة إلاّ وهم في دعاء واستغفار وذكر وابتهال؛ لتفوزوا بما وعد الله به المؤمنين من جزاء على أداء الحج المبرور ومصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام :”الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”
وتعلمون – رعاكم الله – يضيف جلالة الملك في رسالته السامية، على أنّ أداء فريضة الحج، بما تعنيه من أداء المناسك والوقوف بالمشاعر والتنقل بين البقاع المقدسة، تتطلب المعرفة بالأركان والواجبات والسنن، التي تتكون منها فريضة الحج والتي لاشك في أنكم عارفون بشروط أدائها، كما تتطلب منكم احترام الترتيبات والتوجيهات التي وضعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حرصا منها على توفير شروط راحتكم في الحل والترحال وتمكينكم من الأداء الأمثل لمناسككم بفضل ما وفرته لأفواجكم في الديار المقدسة من أطر متعددة الاختصاص، ترافقكم منذ مغادرتكم أرض الوطن وإلى عودتكم، من فقيهات وفقهاء موجهين ومرشدين وأطباء وطبيبات وممرضين ساهرين على صحتكم ومن إداريين قائمين على مدار اليوم، بتقديم الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها حجاجنا في كل حين.
وفي نفس السياق، تضيف الرسالة الملكية، لا يخفى عليكم ما يتطلبه القيام بفريضة الحج في تلك البقاع المقدسة من تقيد والتزام بالتدابير التنظيمية التي اتخذتها السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، موفرة لضيوف الرحمن كل أسباب الاطمئنان، لجعل موسم الحج يتم على ما يتعين أن يكون عليه من نظام وانتظام، وأمن وأمان، بتوجيهات سامية من أخينا الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، متعه الله بالصحة وطول العمر، وشدّ أزره بولي عهده أخينا الأعز الأبرّ، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء حفظه الله وأطال عمره، كما يطيب لنا في هذا المقام، أن نعرب عن عميق اعتزازنا وبالغ إشادتنا بالعلاقات الأخوية التي تجمع بين مملكتينا وشعبينا الشقيقين.
ودكرت الرسالة الملكية الحُجّاج، على أنّه بقدر ما يتعين عليهم تمثيل قيم الإسلام المثلى في الاستقامة وحسن المعاملة والتضامن وإخلاص التوجه لله رب العالمين في هذا الموسم العظيم، فإنه بقدر ما يتعين عليكم أيضا تمثيل بلدكم المغرب وتجسيد حضارته العريقة، التي اشتهر بها أسلافنا على مر التاريخ، في الوحدة والتلاحم والتشبث بالمقدسات الدينية والوطنية القائمة على الوسطية والاعتدال والوحدة المذهبية.
فكونوا سفراء لبلدكم، تشير الرسالة السامية، في إعطاء هذه الصورة الحضارية المضيئة واعلموا أن هذه القيم والثوابت هي التي جعلت بلدنا ينعم بالأمن والاستقرار ويواصل مسيراته الظافرة بقيادتنا الرشيدة نحو المزيد من التقدم والازدهار، وتذكروا في هذا المقام المهيب، وغيره من المقامات ولاسيما عند الوقوف بعرفات وما عليكم من واجب الدعاء لملككم، الساهر على راحتكم وأمنكم ووحدة وطنكم وتنمية مرافق حياتكم، فاسألوا الله تعالى لنا دوام النصر والتأييد وموصول العمل السديد وموفور الصحة والعافية لنا ولأسرتنا الشريفة، وأن يرينا في ولي عهدنا صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن ما يَسُر القلب، ويُقر العين، وأن يشمل برحمته ورضوانه كلا من جدنا المقدس ووالدنا المنعم جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وأن يحيط بلدنا بحفظه وعنايته، ويكلله بعين رعايته.
واختتم جلالة الملك رسالته، في كون الحجاج يتطلعون إلى تلبية أشواقهم الروحية في هذا الموسم العظيم، بالقيام بزيارة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والوقوف بكل توقير وخشوع أمام خير الأنام وخاتم الأنبياء والرسل الكرام، جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، موصياً إيّاهم، بأن يستحضرواْ ما يقتضيه المقام من خشوع وابتهال وتوقير وإجلال لنبي الرحمة المهداة والنعمة المسداة؛ رجاء الفوز بما وعد الله به كل من صلى وسلم عليه، حيث قال عليه السلام: “من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً” وفي كلّ مقام تمرّون به من تلك المقامات الشريفة واللحظات الروحانية الخالصة، لا تنسوا أن تدعوا خير الدعاء لملككم الساهر على أمنكم وازدهاركم وعلى وحدة وطنكم وصيانة سيادته وكرامته وإحلاله المكانة اللائقة به في محيطه الإقليمي وعالمه الإسلامي.