على هامش الخطاب الملكي لعيد العرش 2023م
الجدية هي سرُّ نجاح المغرب في مونديال قطر وتقديم ملف احتضان مونديال 2030م وإنتاج أول سيّارة من صنع مغربي وتوالي الاعترافات بالقضية الوطنية والعلاقات المغربية الجزائرية هي أبرز النقط الواردة في الخطاب
جمال بولحق
استهل جلالة الملك محمد السادس، خطابه بالتأكيد على التلاحم التلقائي الحاصل دوما بين العرش والشعب، ممّا مكن المغرب من إقامة دولة وأمة مغربية، تضرب أعماقها في جذور التاريخ، ويتميز أناسها بخصال الصدق والتسامح والانفتاح والاعتزاز بتقاليدهم وهويتهم الوطنية الموحدة، وبالتفاني في العمل، ممّا مكن من تحقيق العديد من المنجزات ومواجهة شتى الصعوبات والتحديات، نتج عنها الوصول لتحقيق درجة كبيرة من النضج والتقدم في المسار التنموي مؤكدا على ضرورة التحلي بالجدية والروح الوطنية للارتقاء به نحو الأفضل وتحقيق المزيد من الإصلاحات والمشاريع الكبرى؛ لأنه متى تسلح بهما الشباب المغربي، إلى جانب توفير الظروف المواتية، فإنّه غالبا ما يبهر العالم بإنجازات كبيرة وغير مسبوقة، وأعطى مثالا على ذلك بالذي تحقّق للمنتخب الوطني في كأس العالم بقطر 2022م التي تجسدت في أجوائها العديد من صور الحب للوطن والوحدة والتلاحم العائلي والشعبي، مشيرا جلالة الملك، على أنّ هذه الروح هي التي دعته لتقديم ملف ترشيح مشترك لاحتضان المغرب لكأس العالم 2030م وهو ترشح يجمع بين قارتين، وحضارتين متجسدتين، في كل من إفريقيا وأوروبا.
وإلى جانب الجدية التي طبعت المجال الرياضي، تحدث جلالة الملك عن الجدية التي اتسم بها مجال الابداع والابتكار، في إشارة لإنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي فضلا عن تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي معتبراً أنّ هذه المشاريع، هي ترسيخ للنبوغ المغربي، وتعزيز لعلامة (صُنع بالمغرب) مشيرا على أنّ الجدية أيضا هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وفتح القنصليات، في كل من العيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي مؤكدا على أنّ نفس الجدية تطبع موقف المغرب الراسخ بخصوص عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
الجدية يجب أنْ تكون مذهبنا، يضيف جلالة الملك، وتشمل جميع المجالات؛ لخدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص.
وتحدث جلالة الملك في خطابه، عن تداعيات الأزمة التي يعرفها العالم وتأثيرها على المغرب في شقها الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ وثيرة النمو الاقتصادي وتوجيهه للحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من وطأتها على الفئات الاجتماعية والقطاعات المتضررة وضمان تزويد الأسواق بالمنتوجات الضرورية مشيراً لأهمية التحلي بالجدية مع بوادر التراجع التدريجي لضغوط التضخم؛ لإشاعة الثقة واستثمار الفرص الجديدة؛ لانعاش الاقتصاد الوطني، حيث تمّ في هذا الاطار التسريع من مسار قطاع الطاقات المتجدّدة ضمن مشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط، وأعدّت الحكومة مشروع عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر، ويدعوها جلالة الملك لتنزيله بالجودة اللازمة والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال الواعد.
وتحدث العاهل المغربي في خطابه عن ورش الحماية الاجتماعية مشيراً على أنّه سيتم الشروع في منح التعويضات الاجتماعية للفئات المستهدفة عند متم العام الجاري راجيا في أن يساهم هذا الدخل في تحسين وضعها المعيشي وتحدث أيضا عن مجال تدبير الموارد المائية الذي أكدّ جلالته، على أنّه يجب أن يحظى هو الآخر بالجدية اللازمة، حيث تمّت بلورة البرنامج الوطني للماء لفترة ما بين 2020م/ 2027م داعيا للتتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذه ومؤكدا عدم تساهله مع أيّ شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء، ودعا إلى التشبث بالجدية بمعناها المغربي الأصيل من حيث التمسك بالقيم الدينية وشعار (الله، الوطن، الملك) والتشبث بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد، وصيانة الروابط الاجتماعية والعائلية ومواصلة المسار التنموي، وتحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية .
أمّا فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، فقد أكدّ العاهل المغربي، حرصه على إقامة علاقات وطيدة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة خاصة دول الجوار مشيرا على أن العلاقات بين المغرب والجزائر مستقرة، ونتطلع لأن تكون أفضل ومؤكدا للجزائريين قيادة وشعبا أن المغرب لن يكون مصدرا لأيّ شر، أو سوء نحوهم مشيداً في ذات السياق إيلاءه أهمية بالغة لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين الشعبين ومعربا عن أمله في عودة الأمور إلى حالتها الطبيعية وفتح الحدود بين البلدين الشقيقين والجارين.