جمال بولحق
تٌشكل الزيادة المٌطردة في عدد السكان بالمغرب عائقا يحُول دون الاستجابة لكافة المتطلبات الحياتية على مستوى الصحة والتعليم والسكن وكافة تدابير الحياة الاجتماعية وغيرها، في ظل الضغط السكاني المُمارس على موارد البلاد ممّا يشكل تهديداً على استقرار المجتمع، بالرغم من المجهودات المبذولة في التنمية ومكافحة الفقر وغيرها، لكن تبقى على كلّ حال، مجهودات غير كافية؛ للقطع مع كافة أشكال القلاقل المجتمعية.
وتحتاج الدولة إلى تفعيل حقيقي للدولة الاجتماعية وتعزيزها وتبني مخطّطات وتدابير واقعية بعيداً عن الحلول الترقيعية والإسراع بأجرأة المحاور الكبرى للنموذج التنموي الجديد وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية؛ بهدف تحسين نوعية إطار عيش المواطنين وإعطاء الأولوية لحق المجتمع في السكن اللائق والعيش الكريم، وتوفير تعليم عمومي جيّد وإصلاحات أساسية وضرورية، تطال كُلاًّ من أنظمة الصحة والتعليم والتكوين بشقيه التربوي التعليمي والتكويني ومحاربة الاقصاء الاجتماعي بمختلف أشكاله وأنواعه وضمان الولوج السلس لبرامج الدعم الاجتماعي وتعزيز فعاليتها في استهداف المستفيدين وبالتالي تنفيذ نظام الحماية الاجتماعية.
وقد شغلت المسألة السكانية اهتمام الجميع، بعد أنْ لامست أعداد السكان سقف الأربعين مليون نسمة، وهو أمرٌ يُعيق تحقيق التنمية المستدامة، في ظل عدم وفرة المساكن اللائقة، المخصصة للفئات المعوزة وغلاء المساكن الاقتصادية، ينتج عنه الزحف على المساكن العشْوائية بضواحي المدن الكبرى وهي مساكن أشبه بالكهوف، تفتقد لأبسط شُروط العيش الكريم، في ظل افتقادها لأبسط المرافق الضرورية، وعدم ارتباطها بشبكة تصريف الواد الحار، نتج عنها مشاكل بيئية وأشكال متعددة من التلوث، أثرت بشكل سلبي على واقع الحياة الاجتماعية، زاد من حدّتها تفشي البطالة، وغلاء الأسعار، وضعف الرقابة الأسرية، وتفشي ظاهرة الإدمان بمختلف أشكاله وأنواعه، طال حتى الأطفال، وساهم هذا الوضع في الهدر المدرسي وغيره من السلوكيات المنحرفة المساهمة في تردّي الوضع الأمني.
ومن شأن الاقبال على إسكان المعوزين وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة في مساكن لائقة، تستجيب لمتطلبات الحياة الكريمة وتوفير الدُور السكنية التي تكون أثمنتها مواتية ومناسبة لهذه الفئات الهشة؛ لأنه من شأن الحرص على توفير هذه المساكن أنْ يُساهم بشكل فاعل، في تجنّب العديد من الظواهر الشاذة الناتجة عن السكن في ظروف غير مواتية .
الإسكان يجب أن يكون أولوية لدى الدولة؛ لأنّ السكن حقّ دستوري وركيزة أساسية في تفعيل مشاريع التنمية بمختلف أشكالها وأنواعها، هو حقّ معترف به في العديد من المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان، وهي مواثيق صادق المغرب عليها، ويعتبر شريكاً حقيقياُ وملْزماً بتفعيلها واحترام نصوصها.